top of page

مراجعة كتاب عصور العولمة

تاريخ التحديث: 14 نوفمبر 2023

النهج

اعتمادي في أسلوب المراجعة كالتالي "مقدمة عن الكتاب" طرح مُوجز لأهم الأفكار فيما يقتضيه الكاتب والقسم الثاني هو مناقشة هذه الأفكار.


مقدمة عن الكتاب

مر التاريخ الأرضي-البشري عبر عدة عصور من رحلة التكوين الى التطوير في كل عصر انتقل الإنسان من حال الى حالاٍ أفضل أو هذه ما نعتقده، ارتبط البشر معاً منذ فجر التكوين تحت إطارهِ الضيق بدءًا من تحصيل الغذاء ومجابهة الغريم للبقاء، ويتسع ذلك مع امتداد القَوْم حينما بدأت الهجرة الثانية من إفريقيا (الانتشار العظيم)؛ بالتالي كانت الإنسانية معولمة بطبيعة حالها.


الانتقال بين العصور كانت نتيجة تفاعل بين الجغرافيا الفيزيقية(وتُعنى بالمناخ والنباتات والحيوانات والأمراض)، والتكنلوجيا(وهي الأجهزة والبرامج الخاصة بأنظمة الإنتاج)، والمؤسسات(وتقصد بالسياسة والقانون والأفكار والثقافة)؛ استنباط الترابط بينهم يهون للقارئ فهم مدى النضوج وكيفية انتهاء عصر وبدأ عصر جديد، قد يعتقد الشخص استحداث شيئًا جديداً يكون بناءً على البيئة فقط أو الفكر إنما هي مزيج بين التفاعلات الثلاثة؛ كما في الثورة الصناعية؛ الجغرافيا أنتجت البيئة المناسبة للفحم والمؤسسات مهدت الفكرة لحل مشكلة والتكنلوجيا أظهرت براعة جيمس واط في اختراع المحرك البخاري وقِس على ذلك.


قُسمتْ العصور الى سبع، العصر الحجري القديم(70000-10000ق.م) مرحلة ما قبل التاريخ عندما كان البشر لايزالون يبحثون عن ما يقتاتون عليه لأول مره، العصر الحجري الحديث(10000-3000ق.م) عندما بدأت الزراعة لأول مرة {النمو السنوي لتعداد السكاني[0.04%]} ،عصر الفروسية(3000-1000 ق.م) عندما تم تدجين الحصان وتطور الكتابة الأولية والتجارة[0.05%] ،العصر الكلاسيكي(1000ق.م-1500م) تم ظهور الإمبراطوريات الكبرى لأول مره[0.06%] ،عصر المحيط(1500-1800م) عندما توسعت الإمبراطوريات عبر المحيطات وخارج مناطق الوطن[0.25%] ،العصر الصناعي(1800-2000م) عندما بدأت الثورة الصناعية[0.92%] ،العصر الرقمي(القرن الحادي والعشرون) العصر الحالي، حيث يربط العالم بأكمله تقريباً بالبيانات الرقمية.


تصنَّف الأنشطة الاقتصادية إلى ثلاث قطاعات إنتاجية: الأساسي ويشمل جميع المواد الأولية، الثانوي وهو تحويل المواد الأولية إلى منتجات نهائية، ما بعد الثانوي وهو يشمل جميع الخدمات. يتطلب القطاع الأساسي على مُدخلات كبيرة من الموارد لكل عامل بالتالي يتم بشكل كبير في المناطق الريفية منخفضة السكان، بينما قطاع ما بعد الثانوي فهو يعتمد على تقديم الخدمات فهو يتم داخل المدن ذات الكثافة السكانية العالية، والقطاع الثانوي يتم في المنطقتين مثل صناعة التقنية داخل المدينة وصهر المعادن خارج المدينة.


تمهيد

عصور العولمة يعتبر كتاب خبري؛ يسرد الأحداث بطريقة تاريخية جذابة نوعاً ما، فهو يبدا من بداية البشرية الى وقتنا الحاضر، مع تحليل البيانات للوصول الى فهم معمق. في الحقيقة ما يعيب الكتاب انه من النظرة الأولى يُعتقد أن الكاتب يعبر عن أراءه، ولكن في الحقيقة هو يتبنى أراء دون توضيح أو شرح للمعلومة وكأن هذا الشيء معلوم للكل. فعلى سبيل المثال "منذ حوالي 6 ملايين سنة في إفريقيا، عندما تشعّبت سلاسة أسلافنا من القردة العليا إلى فرعين، أحدهما تطور إلى إنسان حديث، والآخر إلى قرد الشمبانزي الحديث والبونوبو" نرى هنا انهُ تبنّى رأي ولم يذكر مرجعه في هذه الرأي، وكأن هذهِ حقيقة مطلقة؛ الفكرة لها غاية مادية، فأصحابها يفسرون كل شيء بالمادية وهذا غير صحيح؛ الغيبيات لا تفسر بهذه الطريقة، المعضلة هو الإصرار في هذا النهج لذلك تولد أفكار مادية مما يأتي بتفسير ركيك يتم بهِ إقناع "مستهلك العلم" لدرجة أن يصلو مرحلة عدم ذكر التفسير أو السببية فتصبح غير قابلة لنقاش في نظرهم، فيقع مستهلك العلم في "وهم الحقيقة"، فإن تم إرجاع نقاش اصل الفكرة يُرد عليه بالرجعي.


في هذا النوع من الكتب تكون موجزة، فهي تتحدث عن فترة زمنية كبيرة مختزلة في كتاب متوسط العدد، بالتالي لا تعطي عمق في المعرفة؛ من الأفضل أن يكون هذا النوع هو البداية للانتقال الى الكتب الأساسية وليس الاكتفاء بالإيجاز فقط. حينما يكون الشخص لديه معرفة متواضعة حول موضوع معين قبل البدء في المصادر الأساسية تكون حينها المعرفة أجدى من ناحية "الترابط المعرفي"، من الملحوظ اعتماد الكاتب على مصادر قليلة في الأنثروبولوجيا فقد فضّل السرد بشكل قصصي، وهذا يقلل من قوة محصلة المعرفة المأخوذة من الكتاب، أضف على ذلك الشرح المتكرر الغير مجدي.


تصنيف العصور

استغرق على الإنسان مقدار هائل من الوقت لتطور الفكري والتناغم مع مسوغات الحياة، منذ أن اصبح الأنسان متمكناً من الزراعة بات التطور يأخذ نمطناً مختلفاً، بعد أن كان همه الوحيد هو البقاء للبقاء فقط، توالت الأحداث وكوّن مستوطنات مما استدعى لحمايتها والتوسع جغرافياً؛ أصبح الأنسان يفكر اكثر فيما سبق مما عزز التطور الفكري لديه ونشأة طبقات المعرفة الإنسانية والعلمية مما أولت الى التعمق في المعرفة وتفريع الأصول، فانطلق متسارعاً بوتيرة اسرع في كل عصر يمر به، الى أن وصل نحو العصر الصناعي وهنا قفز التطور بشكل مختلف تماماً عن العصور السابقة.


اعتمد جيفري ساكس على العولمة في ثلاث مجالات وهي المجال الاقتصادي، والسياسي، والاجتماعي في حين ترابطها تكوّن لنا العولمة وهي الترابط البشري بغض النظر عن مكان وجوده. وكذلك استند الكاتب على وصف حقبة معينه من الزمن بعصر؛ نتيجة تفاعل الطبيعة، والتكنلوجيا، والمؤسسات، ولكن حين عرّف لنا العصور السبع كان التساؤل لدي ما هو المعيار الذي في حينه نقول انتهاء العصر وبدء عصر جديد من العولمة؟ قبل أن أجيب على التساؤل لابد أن نعرف هل تصنيف التاريخ البشري من العولمة بسبعة عصور فقط هو لصالح التاريخ أم لا؟


في حين أردنا أن نضع عصر لزمن معين من التاريخ، واختزال هذه العصر تحت مسمى واحد دون وضع تصنيف أصغر داخل العصر، تصبح لدينا مشكلة وهي تحجيم الحقبة؛ على سبيل المثال في العصر الفروسية حدثت عدة تطورات منها نشأة الفكر، الكتابة، وتدجين الحيوانات، الحدث الأبرز هو تدجين الحيوانات، ولكن هذه لا يعني أن الفكر والكتابة لم يكن لها تأثير إنما تأثيرها غير قياسي في ذلك الوقت رؤية الأمور القياسية دون غيرها مخل، فالفكر اعطى للبشر في أن يكوّن ما يكونه، والكتابة أعطت التأريخ. لذلك من المخل تحجيم التاريخ في سبعة عصور دون تجزئة داخلية متسلسلة تاريخياً، وكما ذكرت مسبقاً لا يعُتمد على "الكتب الموجزة" في المعرفة العميقة.


المعيار الذي اعتمده الكاتب للانتقال من عصر الى عصر، هو معيار الابتكار وفيه يغيّر سلوك الإنسان بشكل أخر؛ في العصر الكلاسيكي على سبيل المثال: اختلف سلوك البشر في السيطرة من مناطق صغيرة نسبياً ذات عرق محدود الى مناطق شاسعة بمختلف الأعراق بأهداف مختلفة، كذلك في العصر المحيط اختلف السلوك من السيطرة على مناطق شاسعة مترابطة الى مناطق شاسعة غير مترابطة بأهداف مختلفة تماماً، وفي عصر الصناعي ابتُكر المحركات الهوائية. نستخلص من هذه المعيار أن الابتكار ليس في التغير المادي فقط، قد يكون الابتكار في السلوك أي الحسي وهذا مالم يوضحهُ الكاتب، كذلك لابد من التوضيح المقصود هنا بالعصور المعولمة، هي حقبة زمنية معينه تعتمد على السلوك البشري في العولمة، أو الترابط البشري العالمي.


ذكر الكاتب "لطالما كانت الإنسانية معولمة، ربما منذ تشتُت البشر المعاصرين من إفريقيا منذ حوالي سبعين ألف سنة خلت" نلاحظ في ذكره أن البشرية معولمة قبل سبعين ألف سنة وهو غير متيقن، العجيب أن مصطلح العولمة مستحدث لوصف سلوك بشري حديث، فكيف يتم إسقاطه على السلوك الماضي البعيد؟ كما أن وصف الكلمة لا يتناسب تماماً مع ما يقوله؛ لم يعطِ امثله، ولم يذكر كيف لذلك وصف الماضي بأنهُ معولم غير صحيح إطلاقاً، الصحيح أن البشرية مترابطة منذُ خلقها، وتعولمت حديثاً، ويعني أن كل عولمة ترابط بشري وليس كل ترابط بشري عولمة.


تسارع النمو السكاني

تنامى التعداد السكاني بوتيرة تسارعيه على مر العصور، نلاحظ في مقدمة عن الكتاب أن النمو السكاني اخذ منعطفاً مختلف في الزيادة، في عصر المحيط[0.25% زيادة سنوية] تضاعف فيه عدد السكان من 461 مليون الى 990 مليون, وعصر الصناعي[0.92%] ازداد ستة أضعاف من 990مليون الى 6,145مليار أصبحى الآن الهاجس الحقيقي هو تسارع النمو، يصاحبه أيضاً زيادة في متوسط العمر المتوقع؛ فقد كان في عام 1950م متوسط العمر 46.5 سنة وفي منتصف عام 2023م وصل الى 73.5 سنة، أي خلال سبعين عام ازداد متوسط العمر المتوقع 45% وهذا يسبب إعادة تشكيل في الديموغرافية. تزداد نسبة الاستهلاك الى الإنتاج كلما كبر الإنسان؛ هذا أيضاً يعجل من زوال الموارد غير المستدامة، قد يعتقد البعض أن حل المشكلة هو في تقليل وتيرة زيادة النمو السكاني وهذا صحيح من النظرة السطحية؛ فلنفترض قلة وتيرة النمو -وهذا ما يحصل الآن في بعض الدول- بعد مدة من الزمن يصبح نسبة كبار السن الى صغار السن أكبر بكثير وهذا يعني أن المستهلكين أكثر من المنتجين وهذا لاحقاً يعزز من الاعتماد الخارجي من القوة العاملة والإنتاج، والاعتماد بالطريقة هذه تعتبر مشكلة.


الحلول لهذه المعضلة لابد أن تكون حلول ابتكارية؛ مثل توظيف الصناعات الروبوتية بمقدار الفجوة المخلوقة أي بمقدار الحاجة لدول التي تعاني من التغير الديموغرافي لصالح كبار السن، أو تصبح هجرة منظمة من الدول ذات النمو السكاني العالي لصالح الدول ذات النمو السكاني المنخفض، وهذا فعلاً ما يحدث الآن. لا بد من التوضيح ألا يوجد حل جذري لهذه المعضلة فكل حل يولد مشكلة أخرى مثل الهجرة تولد اختلاف الأعراق وهذا يولد مشاكل أخرى لذلك كما ذكرت لابد من حل ابتكاري غير مسبوق. ذكرت لا يوجد حل جذري لهذه المشكلة لسببين أولاً مركزية القرار: النمو السكاني هي مشكلة عالمية أي أن القرار غير مركزي فهو متشارك مع عدد كبير من الأطراف، السبب الثاني أن مشكلة النمو السكاني نسبي: بمعنى هناك دول تعاني من زيادة هائلة في السكان لا يتوافق مع موارد الدولة أو العكس تعاني من قلة وتيرة النمو السكاني، لذلك كل منطقة جغرافية لها سلوك مختلف نظراً للموارد وموقعها وتطور المنطقة.


العصر القادم

ما يميز العصر الصناعي هو تيسير ما عمل به الأنسان خلال فترته السابقة كاملة من الزراعة والصناعة وكذاك استحداث الابتكارات، فالنقلة النوعية هي استطاعت الإنسان الطيران جواً بدلاً من اقتصارها براً وبحراً، وبذلك اتسعت بصيرة الأنسان في استكشاف ما نحن فيه من فضاءات مختلفة؛ تحركت المؤسسات في إحداث طفرة في العلم، وبذلك إرسال أول قمر فضائي ويليه وصول أول بشري، الآن اصبح الإنسان قادراً على الخروج من موضعه داخل الكرة الأرضية، ولكن بسبب تباطؤ المؤسسات لم يكن هناك عائد على البشر بشكل مباشر؛ تفسير ذلك هو أن المؤسسات لم يكن هدفها الأساسي العائد على البشر إنما الهدف هو السباق بين قطبين ليُسجل في التاريخ فقط، بانتهاء السباق لم يكن هناك دافع أخر لتعجّيل عملية التطوير في المجال الفضائي.


ما يحدث من استهلاك هائل في الموارد الطبيعية غير المتجددة وتشيّب الأرض ماهي إلا شرارة، بسبب تفاعل الثالوث؛ تستدعي الجغرافية الفيزيقية الى البحث عن مكان أخر سواء أكان للبقاء أو كمصدر للموارد فمصادر الأرض غير قابله لتجديد، وهذا يحرك المؤسسات الى التفكَّر ودفع التكنلوجيا في تطوير. قد يكون جزء من العصر الحالي هو الفضاء، ولكن من وجهة نظري من البكر جداً الحديث عن ذلك نظراً لوجود تحديات معقدة من العلاقات الدولية الى توزيع ثروات الفضاء والتحديات في التكنلوجيا. هذا ينقلنا الى الجزء الأخر "تصنيع الشيء من أي شيء" (جزء من العصر الحالي الاستدامة) وهو دفع التكنلوجيا الى ابتكار أجهزة وأنظمة تقوم بتحويل أي عنصر الى عنصر مرغوب، على سبيل المثال لا الحصر يستعمل قليلاً من الأتربة لإنتاج بعض المعادن ويتم استخدام القليل من المعادن لتصنيع أكبر قدر ممكن من المنتجات النهائية فهي تعتبر سلسلة. الطبيعة تفرض والمؤسسات تُيسّر والحلقة الناقصة هي التكنلوجيا. قد يكون في الحقيقة من المبالغة وصفه "بتصنيع الشيء من أي شيء" فهو يعتبر مجازيا وذلك أفضل مسمى استدامة الإنتاجية.


-ابن محمد

Comentários


جميع الحقوق محفوظة أُطْـروحَـة © 2024

bottom of page